بمناسبة الجمعة العظيمة


كل سنة في يوم الجمعة العظيمة لازم افكر في تصورين مختلفين جوه المسيحية بيفسروا حادث الصلب، وفي سياق التفسير ده بيدوا معاني مختلفة لشخصية المسيح ووجوده:

التصور الأول، وهو التصور السائد خصوصا في المسيحية الشرقية، بيتكلم عن المسيح الذبيحة اللي كان لازم ينزل عشان يذبح ككفارة عن خطايا البشر، وبالتحديد خطيئة أصلية ارتكبها آدم وحوا، وبالتالي المسيح في التصور ده مصيره محدد سلفا، ولد ليصلب، ٣٣ سنة عاشهم على الارض هي مجرد اعداد للحظة تقديم الذبيحة اللي هي كل المعنى في ذاتها، وبتكتمل بلحظة القيامة اللي فيها الانتصار الإلهي على الموت، وبالتالي وعد بالحياة لكل المؤمنين بالمسيح والقابلين لذبيحته.

التصور التاني، بيبص لحياة المسيح باعتبارها هي المحور اللي بيدي معنى لحادث الصلب والقيامة، حياة كانت قايمة أساسا على محبة الانسان والتمرد على والرفض لكل التشريعات والقوانين اللي مش بتخلي الأولوية للانسان، حتى التشريعات الدينية، ونتيجة إصراره على الاستمرار بالشكل ده وعدم المساومة والتراجع، كان لازم يواجه السلطات اللي موجوده في زمنه بكل الاشكال، سواء السلطات الدينية الممثلة في الكهنة والفريسيين والكتبة او السلطات الحاكمة يهودية ورومانية، وكانت النهاية هي الموت على الصليب وحيدا ومتألما، بعد هروب معظم تلاميذه، وبمباركة الجماهير اللي كان بيحاول طول حياته يخليها هي الأولوية والمعيار، حدث الموت هو نتيجة رفض المجتمع القائم لأسلوب حياة المسيح، وبتيجي القيامة عشان تقول إن حياة المسيح بشكلها اللي المجتمع رفضه وقتله هتنتصر في الآخر وتعيش برغم الصليب والموت، وبالتالي الوعد بالحياة وعدم الموت لكل من يسير على نفس الدرب ويعيش نفس الحياة ويواجه نفس الأعداء.

التصور الأول هو اللي يعزز النزعة الأخروية (الاسكاتولوجية) في المسيحية، الحياة مش مهمة، حدث الموت وما بعده (القيامة) هو اللي يحتوي كل المعنى، وبالتالي كل المهم هو الايمان حتى وان بشكله الطقسي الرتيب، بغض النظر عن المجتمع وكل ما يحويه من مظالم، والحياة الأخرى هي مكان بعيد مقطوع الصلة بالحياة الأرضية.

التصور التاني بيعزز النزعة الانسانية، الحياة والنضال لتغييرها هما كل شيء وهما المحور اللي بيمنح المعنى حتى للموت، وهما اللي بيخلوا الانتصار ع الموت ممكن، بل ونتيجة طبيعية. وبالتالي تبقى الحياة الأخرى او الملكوت في التعبير المسيحي غير مفصولة عن الحياة الدنيا، ملكوت الله هنا والآن، يعني الوصول للحياة الأفضل بيكون بالنضال من أجل بناها على الارض برغم الرفض سواء من السلطة، او من الجماهير اللي موجه لها الرسالة.

طبعا من وانا في اعدادي تقريبا وانا مش قادر اقبل او افهم الا التصور التاني، الكلام ده ليه علاقة بالتصورات اللاهوتية بغض النظر طبعا عن الكلام عن المسيح التاريخي وتاريخية احداث زي الصلب والقيامة.

(ملحوظة: انا مش كاتب الكلام لفتح مناقشات لاهوتية حوالين اي من الفكرتين اصح، بس اعتقد انه مهم لفهم جزء من واقع المسيحين وتفاعلهم مع الازمات والظلم في المجتمع)

المناقاشات على الفيس بوك

https://www.facebook.com/ramy.keriakes/posts/10152788092208342

أضف تعليق